Pasar

Pasar

الطريق إلى مصاحبة القرآن





كتب: عبد الرحمن سليمان 
إن الاشتغالَ بتعلمِ القُرآنِ الكريمِ وتعليمهِ من أفضلِ العباداتِ وأجلِّ القُرباتِ إلى ربِّ الأرضِ والسماواتِ، ومِن أقربِ السُّبلِ إلى أرفعِ المنازلِ والدرجاتِ في الجناتِ، كيفَ لَا؟ والقُرآنُ عِزُّ هذهِ الأُمةِ وشرفُها وسِرُّ نَهضتِها وفخرُها، فهو رُوحُ الحياةِ وحياةُ الروحِ، وهو حادي الأرواحِ إلى بلادِ الأفراحِ.
وإنَّ مُصاحبةَ القُرآنِ- تعليمًا وتعلُّمًا، وقراءةً وتدبرًا، ودرسًا ومدارسةً-جلاءٌ للأحزانِ وشِفاءٌ للأسقامِ، وأنَّ الحلقاتِ القُرآنيةَ هي رِياضُ الجنَّةِ، وقُرَّةُ عينِ النفوسِ المطمئنة.
ولقـد حَـرصَ الصحابة -رضي الله عنهم ومَـن تَبِعَهُم بإحسانٍ-علـى مُصاحبـةِ القُرآنِ الكريمِ، ومُلازمتهِ، والعُكوفِ على تعلُّمهِ ومُدارستهِ؛ مُقتدينَ في ذلك بالرسولِ الكريمِ -صلى الله عليه وسلم -، مُمتثلينَ قولَهُ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»، وفي روايةٍ: «أَفضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
وإنَّ المتأملَ في التوجيهاتِ النبويةِ الحاثَّةِ على تعلمِ القُرآنِ يَجِدُها تَحُضُّ على مُصاحبةِ القُرآنِ بطرائق عديدةٍ متنوعةٍ.
مقترنًا بحفظه
فتارةً تأتِي بعضُ الأحاديثِ النبويةِ بلفظِ صاحبٍ مُقتَرنًا بحفظِ القُرآنِ وترتيلهِ المتضمنِ للعملِ بهِ، معَ بيانِ ما يَتَرتَّبُ على هذهِ المصاحبةِ في الدارِ الآخرةِ مِنْ ارتِقاءِ درجاتِ الجِنانِ والارتفاعِ فيها، كما في قولِه -صلى الله عليه وسلم - يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ اقْرَأْ، وَارْتَقِ، ورَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».
مقترنا بتعاهده
وتَارةً تأتِي بعضُ الأحاديثِ بلفظِ صاحبٍ مُقتَرنًا بالحضِّ على تَعاهُدِ القُرآنِ ومُلازمةِ تلاوتِه آناءَ الليلِ وأطرافَ النهارِ؛ لِيَثبُتَ في قَلبِ صاحبهِ، فلا يَتفلَّتَ منهُ، كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وَإذَا قَامَ صَاحِبُ القُرآنِ فَقَرأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ نَسِيَهُ».
بعض الأوامر
وتَارةً نَجِدُ بعضَ الأحاديثِ تَخُصُّ صاحبَ القُرآنِ ببعضِ الأوامرِ، كما في قولهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ القُرآنِ»، أي: يا أصحابَ القُرآنِ وحَفظَتَهُ، قال الإمامُ إسحاقُ بنُ راهويهِ -رحمه الله-: «إِنَّمَا عَنَى بِهِ -صلى الله عليه وسلم- قِيَامَ اللِّيْلِ، يَقُولُ: قِيَامُ اللِّيْلِ على أصحابِ القُرْآنِ».
تاج الكرامة
وتَارةً نَجِدُ بعضَ الأحاديثِ تُبشِّرُ صاحِبَ القُرآنِ بتَاجِ الكَرامةِ والوقارِ، وحُلَّةِ الكرامةِ، كما في قولهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيامَةِ فَيقُولُ: (يَا رَبِّ، حَلِّهِ). فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: «يَا رَبِّ! زِدْهُ». فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ»، وفي حديثٍ آخرَ: «... ويُوضَعُ عَلىَ رَأْسِهِ تَاجُ الوَقَارِ...».
ملازمة التلاوة
وتَارةً يُذكَرُ في بعضِ الأحاديثِ لفظُ صَاحبٍ ويُقصَدُ بهِ مُلازمةُ تلاوةِ القُرآنِ، وعَدمُ الإخلالِ بالوِرْدِ اليوميِّ المخصَّصِ لقراءتهِ، كما في قولهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعلقة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت».
العمل به
وتارةً نَجِدُ بَعضَ الأحاديثِ تجمع بين أهل القرآن والعمل به والمصاحبة كما في قوله -صلى الله عليه وسلم-:«يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران... تحاجان عن صاحبهما».
الشخصية القرآنية
     والحاصل أن تلك النصوص النبوية القولية السابقة، تجمع لنا معالم الشخصية القرآنية المتكاملة؛ ولذا قال لإمام السيوطي -رحمه الله-: «صَاحبُ القُرآنِ هُوَ الملاَزم لهُ بالهمَّةِ والعِنايةِ، ويكُونُ ذَلكَ تَارةً بالحِفْظِ والتِلاوَةِ، وتَارةً بالتدبُرِ لهُ والعَملَ به» أهـ، ومعلوم أن السنة النبوية وحي من الله -تعالى- بلفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذاً فمصاحبة القرآن التي حثت عليها السنة- كما تقدم وكما سيأتي في الأحاديث الشريفة- هي من مراد الله تعالى.
     وإنَّ اهتمامَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالتوجيهِ إلى مُصاحبةِ القُرآنِ، يعني أن تكونَ العلاقةُ به دائِمةً بالليلِ والنهارِ، قولًا وفعلًا، سَمْتًا وهَديًا، سُلوكًا وخُلُقًا ظاهرًا وباطنًا، يَتَّخِذُهُ المؤمنُ هاديًا وحَادِيًا في كلِّ شأنٍ من شؤونِ حَياتهِ، بل إنَّ المؤمنَ يَكمُلُ ويَزدادُ شرفًا حينَما يُصاحِبُ القُرآنُ، فَيدعُوهُ إلى كلِّ خيرٍ، ويُورِّثُهُ كلَّ فضيلةٍ، ويَسمو بهِ إلى علياءِ السُّمُوِّ في الدنيا والآخرةِ.
تربية الأبناء
وما أحوجَنا - ولاسيما في هذهِ الأيامِ- إلى تربيةِ الأبناءِ وطلابِ الحلقاتِ القُرآنيةِ على مُصاحبةِ القُرآنِ، والعمل بهِ، ولاسيما مَعَ مَسيس حاجةِ الأُمَّةِ والآباءِ والمعلِّمينَ إلى صاحبٍ أمينٍ يَصحَبُ الأبناءَ والطلابَ. إننا نُريدُ بإبرازِ مفهومِ مُصاحبةِ القُرآنِ بِناءَ الشخصيةِ التي تكونُ مع القُرآنِ ويكونُ القُرآنُ معها، فتسعدُ بهِ فيِ الدنيا والآخرةِ.
وهذا ما سنحاول الوصول إليه من خلال هذه السلسلة من المقالات التي تعد منهجاً متكاملاً تم وضعه للاعتناءِ بالحلقاتِ القرآنية.
مفهومِ مصاحبة القرآنِ
تعريفُ الصَّاحِبِ لغةً: هو المُرافِقُ، ومن جمالِ اللغةِ العربيةِ أن بناءَ الكلمةِ يحملُ المعنى في داخِلهِ؛ فالصاحبُ من الصُّحبةِ في الزمانِ والمكانِ.
تعريفُ صاحِبِ القُرآنِ: قد عرَّفهُ السيوطيُّ -رحمه الله- بقولهِ: «صَاحِبُ القُرآنِ هو الملازمُ لهُ بالهمَّةِ والعنايةِ، ويكونُ ذلك تارةً بالحفظِ والتلاوةِ، وتارةً بالتدبرِ لهُ والعملِ به». أهـ.
مفهومُ مُصاحبةِ القُرآنِ الكَريمِ: إنَّ صَاحِبَ القُرآنِ هو الذي يَتخذُ القُرآنَ هاديًا، يَفرحُ بلقائهِ، ويشتاقُ إليهِ، ويُداوِمُ على تلاوتهِ بتدبرٍ، ويُقيمُ الليلَ بهِ، ويُرتلُهُ ترتيلًا، ويسمعُهُ بإنصاتٍ، ويحفظُهُ ويتعاهدُهُ، ويُذكِّرُ بهِ، ويتحاكمُ إليهِ، ويُطيعُ أمرَهُ، ويجتنِبُ نهيهُ، ويتخلقُ بهِ.
شَرفُ مُصاحبةِ القُرآنِ: إنَّ مُصاحبةَ القُرآنِ شرفٌ عَظيمٌ وفَضلٌ كبيرٌ، فالقُرآنُ صَاحبٌ حريصٌ عليكَ، لا يأتيكَ منهُ إلا الخيرُ؛ فهو: يَنفعُكَ في دينِكَ فيعظُك ويُذكِّرُكَ، وَيُنذِرُكَ وَيُبشِّرُكَ، كما أنهُ يُصلِحُ دُنياكَ فيُرشدكَ ويُوجهُكَ، يُبهِجُكَ في خلواتِكَ ويُذهِبُ وحشَتَكَ، يُؤنِسُكَ في قَبْركَ، ويَشفعُ لكَ في آخرتِكَ، ويُلبِسُكَ ووالديكَ الحللَ، فأيُّ صاحبٍ لكَ كالقُرآنِ؟!
قبسٌ من أحاديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحاضَّةِ على مُصاحبة القُرآن
     تأمل أخي المعلِّم الأحاديثَ التاليةَ التي وَرَدَ فيها لفظُ (صَاحِبٍ)، وما فيها مِن توجيهِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الصحابةَ الكرامَ -رضي الله عنهم- وحضِّهِم على مُصاحبةِ القُرآنِ، وهم أهلُ لغةٍ ومن أعرفِ الناسِ بمعنى كلمةِ (صَاحِبٍ) وكيفَ تكونُ المصاحبةُ؛ فتأسَّ أخي بالنبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَوَجِّه طلابَ الحلقةِ إلى مُصاحبةِ القُرآنِ، وبيِّن لهم فضلَ تلكَ المصاحبةِ.
عَن عبد اللهِ بن عمروٍ -رضي الله عنه - قال: قال رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُقالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ: «اقرَأ، وارتَقِ، وَرتِّل كَما كُنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيَا؛ فإنَّ مَنزِلتكَ عندَ آخر آيةٍ تَقرؤُهَا».
وعن بُريدَةَ -رضي الله عننه - قال: سمعتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: «إنَّ القُرآنَ يَلقَى صَاحِبهُ يَومَ القِيامَةِ- حينَ يَنشقُ عنهُ قبرُهُ- كالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، فيقُولُ القُرآنِ له: (هَلْ تَعرفُنِي؟) فيقُولُ: صَاحِبُ القُرآنِ: مَا أَعرفُكَ. فيقولُ القُرآنُ: «أنَا صاحبُكَ الَّذي أظمأتُكَ فيِ الهَواجِرِ، وأسهرتُ لَيلَكَ، وإنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِن وَراءِ تجارتهِ، وإنَّك اليومَ مِن وَراءِ كُل تجارةٍ». فيُعطِي الملكَ بيمينهِ، والخُلدَ بشمَالِهِ، ويُوضَعُ عَلى رأسِهِ تَاجُ الوَقَارِ، ويُكسَى والداهُ حُلَّتينِ لا يقوَّمُ لهما أهلُ الدُّنيَا، فيقُولانِ: بِمَ كُسِينَا هَذا؟ فَيقالُ: بأخذ ولدكما القُرآن. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: «اقرَأْ واصْعَدْ فِي دَرَجِ الجنَّة وغُرفِهَا». فهُو في صُعودٍ مَادَامَ يقرأُ، هَذًّا كَانَ أَم تَرتِيلًا».
وعَن أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ -رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يُقَالُ لِصَاحِبِ القُرآنِ إذَا دَخَلَ الجنَّةَ: (اقْرَأْ، وَاصْعَدْ)، فَيقْرأُ وَيَصعَدُ بكلِ آيةٍ دَرَجَةً حتى يقرأ آخِرَ شيءٍ مَعَهُ».
وعن ابن عمر -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثلِ الإبلِ المعقلةِ، إن عَاهَدَ عليهَا أمسكَها، وإنْ أطلقهَا ذَهبَت»، وقد بينت رواية مسلم - لهذا الحديث- معنى كلمة (عاهد)، بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «.... وإذا قَامَ صَاحِبُ القُرآنِ فقَرأهُ بالليِّلِ والنَّهارِ ذكَرهُ، وَإذَا لم يَقُم بهِ نَسيهُ».
وعن أبي أُمَامةَ الباهلي -رضي الله عنه - قال: سمِعتُ رسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه».
وعن أنس -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «سُورةٌ منَ القُرآنِ مَا هِيَ إلا ثَلاثونَ آيةٍ، خَاصَمت عَن صَاحبهَا حتى أدخلَته الجنَّة، وَهي سُورة تَبارك».
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يجيءُ القُرآنُ يومَ القيامةِ فيقول: «يا ربَّ، حله»، فيلبسُ تاجَ الكَرامةِ. ثم يقولُ: «يا رب، زده»؛ فيلبس حلة الكرامة. ثم يقول: «يا رب، ارض عنه»؛ فيرضى عنه، فيقال له: «اقرأ وارق»، ويزاد بكل آية حسنة».
وعن النواس بن سمعان -رضي الله عنه - قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا، تقدمه سورة البقرة وآل عمران... كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما». 

0 komentar:

Posting Komentar

http://www.resepkuekeringku.com/2014/11/resep-donat-empuk-ala-dunkin-donut.html http://www.resepkuekeringku.com/2015/03/resep-kue-cubit-coklat-enak-dan-sederhana.html http://www.resepkuekeringku.com/2014/10/resep-donat-kentang-empuk-lembut-dan-enak.html http://www.resepkuekeringku.com/2014/07/resep-es-krim-goreng-coklat-kriuk-mudah-dan-sederhana-dengan-saus-strawberry.html http://www.resepkuekeringku.com/2014/06/resep-kue-es-krim-goreng-enak-dan-mudah.html http://www.resepkuekeringku.com/2014/09/resep-bolu-karamel-panggang-sarang-semut-lembut.html