ألقى سماحة الشيخ العلامة د. صالح الفوزان -عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء- محاضرة ليلة الثلاثاء الثاني عشر من شهر جمادى الأولى للعام 1439 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم (الموافق:30/1/2018)، في مسجد قباء، في وقت أحوج ما يكون الناس فيه للعلم الشرعي المؤصل؛ حيث لا يخفى ما للعلم من فضل تعلما وتعليما؛ فالله يقول: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}، ويقول -سبحانه-: {وما يعقلها إلا العالمون}، ويقول -سبحانه-: {آيات للعالمين}، ويقول -سبحانه-: {وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير}، وغيرها من الآيات الكريمة؛ أما في السنة نجد قول النبي صلى الله عليه وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء، الأنبياء لم يورثو دينارا ولا درهما فمن أخذه أخذ بحظ وافر».
- ما نصيحتكم لمن يجهل التوحيد ويقع في الشرك هل نعاملهم كالمسلمين أو كالمشركين؟
- من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأقام الصلاة، وأقام أركان الإسلام؛ فهذا هو المسلم، يصلى عليه ويستغفر له، وقد يكون هناك نقص، قد يكون هناك ذنوب، وسيئات، لكن مالم تصل إلى حد الشرك الأكبر؛ فإنه ترجى له المغفرة، ويدعى له ويصلى عليه إذا مات ويدفن في مقابر المسلمين.
- سائل يقول في قريتي كثير من المساجد التي فيها قبر ولا أستطيع أن أدعوهم إلا من خلال خطبة الجمعة والصلاة فيها؛ فماذا أفعل؟
- المسجد الذي فيه قبر لا يصلى فيه حتى يخرج القبر من المسجد، إذا كان المسجد سابقا على القبر، وإذا كان القبر سابقا على المسجد يهدم المسجد ويبنى في مكان ليس فيه قبر؛ فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند القبور والصلاة إليها؛ لأن هذا من وسائل الشرك لله -عز وجل.
- ما حكم قول: «شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا»، أو «شاءت الأقدار كذا وكذا»؟
- لا يجوز هذا قل «شاء الله» ولا يسند الأمر إلى الظروف، أو إلى الوقت، أو إلى المكان، بل تسند الأمور إلى الله «شاء الله كذا وكذا»؛ ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : «ما شاء الله وشئت»، قال صلى الله عليه وسلم : «أجعلتني لله ندا، قل: ما شاء الله وحده» (الجواب الكافي/102).
- كيف نجيب عباد القبور الذين يحتجون بدفن النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي؟
- نقول: كذبتم، النبي صلى الله عليه وسلم ما دفن في المسجد، إنما دفن في حجرته، حجرة عائشة، وكانت خارج المسجد في حياته صلى الله عليه وسلم ، ثم دفن فيها صلى الله عليه وسلم ، هو وصاحباه أبوبكر وعمر -رضي الله عنهما- وكانت خارج المسجد، وإنما أدخلت إلى المسجد بعد ذلك؛ فلما وسع المسجد أدخلت فيه الحجرات يقولون: وليس هذا بمشورة من أهل العلم في وقتهم وإنما السلطان أمر بإدخالها وأدخلها أمير المدينة بأمر السلطان، والله أعلم.
- شخص سكن في دار فجاءه كثير من الأمراض؛ مما جعله يتشاءم من الدار هو وأهله، فهل يجوز له تركها لهذا السبب؟
- إذا كرهها؛ فإنه يخرج منها إلى دار أخرى؛ فقد ذكر الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إن كان الشؤم في شيء ففي الدار، والمرأة، والدابة، والفرس» (البخاري/5094)، فإذا كان متحرجا من داره متضايقا، والله قد وسع عليه فيستبدل بها غيرها.
- ما حكم أن يقال فلان مرحوم، أو انتقل إلى -رحمة الله؟
- يدعى له بالرحمة، يقال: -رحمه الله- ولا يقال: المرحوم أو يقال: انتقل إلى -رحمة الله- فإن كان هذا من باب الرجاء والدعاء في -رحمة الله- لكن يدعى له بالرحمة يقال: -رحمه الله.
- ما المراد بالوسطية في الدين؟
- المراد بالوسطية في الدين الاعتدال في الدين، من غير غلو، ومن غير تفريط، من غير تشدد ومن غير تساهل.
- العذر بالجهل في المسائل الشركية، هل موجود أم غير موجود؟
- لا يعذر بالجهل في أمور العقيدة إلا من كان منقطعا عن العالم ولم يصل إليه شيء! أما من تصل إليه البرامج في الإذاعة، ويسمع الكلمات العلمية التي تذاع وتبث، فلا يعذر بالجهل، الآن بلغ الدين المشارق والمغارب بواسطة وسائل الإعلام كما تعلمون.
- ماحكم الهجرة إلى دولة أوربية؟
- الهجرة تكون من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، هذه هي الهجرة الشرعية، فرارا بالدين، أي الانتقال من بلاد الشرك والكفر إلى بلاد الإسلام والتوحيد، هذه الهجرة الشرعية فرارا بالدين.
- هل يمكن لرجل فاسق أو مرتكب كبيرة أن يتوب ثم يكون عالما من علماء المسلمين؟
- إذا كان عنده علم من الكتاب والسنة فيكون من علماء المسلمين.
- ماحكم قولهم: «لا تجعل الله أهون الناظرين إليك»؟
- يعني يخاف من الله يراقب الله -عز وجل- واعلم أنه يراك؛ حيثما كنت، فلا تجعله أهون الناظرين إليك، يعني إذا نظر إليك مخلوق تخجل وتخاف، وإذا علمت أن الله ينظر إليك فلا تبالي بذلك، جعلته أهون الناظرين إليك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- ماحكم قولهم: «إن الإسلام قديم كقدم الله»؟
- هذا كلام جاهل! ما عرفنا هذا الكلام.
- إذا عمل المرء عملا خالصا لله، ثم بعد أن أتمه فرح بأن الناس علموا به وعملوا فما حكم ذلك؟
- إذا كان يفرح بأن الناس عرفوا عمله! هذا يعد من الرياء.
- ماحكم الصلاة خلف الداعية إلى البدعة والمجاهر بها؟
- إن كنت تعلم أنه مبتدع، وأشد من ذلك داعية إلى البدعة، وهذه البدعة في العقيدة لا تصلي خلفه.
- كيف نعالج السحر؟ وهل يختلف طريقة العلاج من سحر لسحر؟
- السحر يعالج بالقرآن، وبالرقية الشرعية، ولا يعالج السحر بالسحر؛ لأن السحر حرام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «عباد الله تداووا، ولا تداووا بحرام» (فتاوى ابن باز/90/8)، ويقول ابن مسعود رضي الله عنه : «إن الله لم يجعل شفاءكم في ما حرم عليكم» (ابن حبان/379).
- هل الحلف بكلمة (والنبي) تجوز؟
- هذا قسم، لا يجوز، فلا يجوز الحلف إلا بالله «من كان حالفا؛ فليحلف بالله أو ليصمت»(البخاري/6646)، قال صلى الله عليه وسلم : «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» ( شرح البخاري لأبن عثيمين/545/6).
- كيف يصل المسلم إلى مرتبة الإحسان؟ وما الأمور المعينة على ذلك؟
- يصل لمرتبة الإحسان إذا أقام دينه على المنهج الصحيح، وعبد الله كأنه يراه، عبدالله على المشاهدة كأنه يراه، هذا هو الإحسان.
- عندما نقول لهم: إن الله في السماء يقولون: «لا تحدد لله مكانا» كيف نرد على هؤلاء؟
- هذا كلام باطل، الله -جل وعلا- في السماء، كما أخبر عن نفسه {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير}، فأخبر عن نفسه أنه في السماء -سبحانه وتعالى.
- ما الأسباب المعينة على الموت على السنة؟
- الموت على السنة بيد الله، لكن يجب أن تعمل بالأسباب؛ فتتمسك بالسنة، وتعمل بها، وتتعلمها، وتحرص عليها، والله -جل وعلا- سيوفقك للسنة.
- ما الصراط وما القنطرة؟
الصراط هو القنطرة، والصراط هو الطريق، والصراط يمر الناس عليه، قال -تعالى-: {فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا} إلى قوله -تعالى-: {وإن منكم إلا واردها}، فلا أحد من الخلق إلا ويرد النار، وذلك بالمرور على الصراط المنصوب على متن جهنم، يمرون عليه منهم؛ منهم من يمر كالبرق، تجري بهم أعمالهم، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كركاب الإبل، ومنهم من يمشي مشيا، ومنهم من يزحف زحفا، على الصراط ومنهم يخطف، ويلقى في جهنم من على الصراط.
- أحد الإخوة توفي والده قبل سبعة أشهر، فهل يجوز أن يستدعي جيرانه وإخوانه ويقرؤون القرآن وينويه صدقة تصل إلى أبيه؟
- هذا لا أصل له بهذه الطريقة، إذا كان يريد أن ينفع والده يتصدق عنه بهذا الطعام ويعطيه الفقراء والمحتاجين.
- كيف يحقق المرء خشية الله -سبحانه وتعالى؟
هذا شيء يجعله الله، يمن به على العبد؛ فيحرص على طاعة الله، وعلى مرضاة الله، وعلى الإخلاص لله -عز وجل- والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
- سائل يسأل عن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم هل هي خاصة أم عامة؟
- شفاعته خاصة وعامة، الشفاعة هي المقام المحمود هذا عام، يشفع عند ربه لفصل القضاء بين عباده وإراحتهم من الموقف 50 سنة والشمس تدنو منهم، شاخصة أبصارهم؛ فيشفع عند الله أن يفصل بين عباده، وأن يريحهم من الموقف هذه شفاعة عامة، قال الله -جل وعلا-: {ومن الليل فتهجد به نافلة عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}، هذا هو المقام المحمود حمده عليه الأولون والآخرون.
- هل يوجد في الشريعة الإسلامية التصوف المحمود؟
- لا، التصوف مبتدع وليس في الشريعة تصوف محمود، كله مذموم، الذي يريد الخير يعمل بالسنة، ولا يعمل بالبدعة التصوف بدعة.
- هل كل مكان صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ورد الدليل على إحيائه والصلاة فيه أو إقامة بناء عليه؟
- إقامة بناء عليه فهذا لا يجوز، أما تقصده للصلاة فيه؛ فهذا إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قصد هذا المكان وصلى فيه؛ فإنه يصلى فيه، وأما إذا صلى فيه ليس من باب القصد وإنما من باب المصادفة، يعني حضرت الصلاة فصلى في هذا المكان، الرسول صلى في أماكن كثيرة في طريقه وأسفاره لا يجوز تقصدها، إلا المكان الذي قصده النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيه.
- هل النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى ذي الحليفة للصلاة في الوادي المبارك؟
- لا، إنما يصلي فيه من يريد الإحرام النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه ربه أن صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة.
- ما توجيهكم في شخص يشكك في صحيح البخاري؟
- أصح كتاب بعد القرآن هو صحيح البخاري؛ فلا يشكك فيه إلا إما جاهل، وإما منحرف، والعياذ بالله.
- كيف تكون كل هذه الأحاديث وكثرتها والنبي صلى الله عليه وسلم عاش حياة قصيرة؟
- النبي صلى الله عليه وسلم بورك له في عمره، وفي عمله، وفي دعوته، بورك له في ذلك.
- ما السبيل إلى عزة الإسلام وأهله؟
- السبيل هو أن يقوم المسلمون بإسلامهم ودينهم، ويدعون إليه، ويرغبون الناس فيه، هذا هو السبيل، الإسلام لا ينتصر، بنفسه إنما ينتصر إذا قام به أهله ونشروه ودعوا إليه.
0 komentar:
Posting Komentar